يقول الله في كتابه القرآن:(إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ)الحج 38، ويقول:( وَإِمَّا تَخَافَنَّ مِن قَوْمٍ خِيَانَةً فَانبِذْ إِلَيْهِمْ عَلَىٰ سَوَاءٍ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ) 58 الأنفال، ويقول ”هتلرHitler ”:(أحقر الأشخاص الذين قابلتهم هم هؤلاء الذين ساعدوني على إحتلال بلدانهم)، إنّ هناك أشخاص في كل زمان ومكان ممن يرتضون لأنفسهم الإقدام على خيانة وطنهم وشعبهم وبيع ضمائرهم وتاريخهم بالتعاون مع الأعداء المتربصين بأوطانهم وحينها يلحق بهم العار والذل بل ويحتقرهم الأعداء قبل الأصدقاء ولا يثقون بهم ولعل القائد الفرنسي ”نابليونNapoléon ” قد قدم درسا لمن يخون وطنه وذلك بامتناعه عن مصافحة جاسوس نمساوي أعانه على إحتلال وطنه حينما طلب مصافحته إذ رمى له بحفنة من المال والذهب على الأرض وهو يقول له:(هذا الذهب والمال لأمثالك، أما يدي فلا تصافح رجلا يخون بلاده)، فخيانة الوطن لها صور وأشكال متعددة وليست متمثلة في إعانة عدو ما في إحتلال جزء من الأرض فقد يكون معاونة الأعداء على إحتلاله فكريا أو بالتنسيق الأمني معه أو بيع معلومات تمس الأمن الوطني أو بالتآمر والتجسس للعدو أو بالإستقواء بالجهات الأجنبية ومساندتها له سواء كانت منظمات أو جماعات أو أجهزة إعلامية غالبا ما تكون معادية، وقد صدق من قال إن الخائن لوطنه كالذي يسرق من بيت أبيه ليطعم اللصوص فلا أباه يسامحه ولا اللصوص سيكافئونه لذا كان من الحقوق المشروعة لجميع الشعوب سحب جنسية من يخون وطنه وشعبه. إنّ مرض الخيانة موجود في كل المجتمعات لكن لم نتخيل أنه منتشر وبكثافة في فلسطين المحتلة إلا عقب إندلاع أحداث طوفان الأقصى 07 أكتوبر 2023 وتبين أيضا أن من كان يخرج علينا قبل الطوفان مفعما بالوطنية ونقاء السريرة والتفاني وحب فلسطين تبين أنه كان يتظاهر بذلك وأن الخيانة تسكن ومعششة في جيناتهم الداخلية، فمرض الخيانة عبارة عن زيادة في معدل إنتشار خلايا الشهوة والنزوع إلى تحقيق مصالح شخصية في مقابل ضمور خلايا وجينات الشرف والكرامة المتمثلة في الإنتماء وحب الوطن، فمرضى الخيانة في الأراضي المحتلة تبين أن لديهم نزوع مرعب وأمان وآمال وطموحات أن يروا فصائل المقاومة تنهار وتسقط ولا يزعجهم الإنقسام الداخلي ولا أن يتحول وطنهم إلى أطلال تنعق فيه الغربان فهم يعملون ليل نهار بنشاط عجيب لوضع وتنفيذ المخططات الهادفة إلى تدمير البلاد وإثارة الفوضى وتقويض عجلة الوحدة الداخلية ويجب على جميع أحرار وشرفاء الوطن المحتل حشد الإرادة الوطنية لفضح كل خائن وعميل لينال الجزاء والعقاب الذى يستحقه وإنقاذ فلسطين المحتلة من هذا المرض المزمن اللعين المشوه لكل القيم الأخلاقية والوطنية. إنّ أزمة الهوية والإنتماء هي التي تدفع بالخائن ليكون مستعدا لبيع الوطن وسحق الأرواح ونقل الأخبار لكي يبقى مُتسيدا على كرسي الخرافة والوهم فهو يعلم أن فيه العزة التي فقدها والشرف الذي باعه والأمان الذي يلوذ به هربا من نفسه إنه ذلك الشعور بالنقص الذي يرافقه والذي يحطم أحاسيسه خصوصا عندما يقارن نفسه بنجاحات من حوله فيميل إلى الخيانة دون الإكتراث بعواقب الأمور إنه الخضوع المطلق والإرتماء في أحضان المحتل طلبا في البقاء ودفاعا عن إمتيازات وشكليات لعلها ترقع نقص النفس وتخفي عيب الذات، والغريب أن الخائن وبعدما سبقت رغبته إرادته يسعى جاهدا لجمع الحجج والمبررات من أجل إقناع الآخرين ببراءة أفعاله وصدق نواياه فهو دائم التبرير لذاته حينما يبقى ولو شيء قليل من الحياة في ضميره خوفا من التأنيب ولعل ذلك يكون لفترة وجيزة فمع مرور الوقت تعكس الخيانة منتهى الإنحلال الأخلاقي والمبالغة والهستيرية في الإستعراض أمام المحتل ومن يقف وراء المحتل، فالقائد الخائن وما يعيشه من آلام إغتراب الذات فإنه حينما تشده الأهواء والرغبات السياسية والإيديولوجية يقدم على البروباغندا Propaganda الدعاية الكاذبة وقرارات ذاتية يمكن وصفها بالإنتحارية حينما يعرض مصير أمة بأكملها للضياع. إنّ الخيانة ليست وجهة نظر لأنها تؤدي إلى ضحايا بمئات الألوف من القتلى ودمار شامل في الحجر والشجر فالخائنين ومن في زمرتهم الذين يدعون السلطة الواهمة والمقاومة الزائفة ما بين الحين والآخر نرى من بلغ بهم السفه والنفاق أن يخرجوا ينعقون نعيق الغربان وقد علت في وجهوهم الكآبة والذل والهوان وأصبحوا سلعة يتداولها الأعداء في منابر القنوات يبثون سموم الكذب والإدعاء ، فالتصدي للخونة واستبعادهم بعد فضحهم أحد أهم المبادئ الإنسانية والتي تصبح واجبة قبل المطالبة بالحقوق الإنسانية الأخرى وكما قال ”مارتن لوثرMartin Luther ”: (قد يأتي يوم يكون فيه الصمت خيانة) فحتى أولئك الأشخاص الذين إشتروا ذمة الخائن بالأموال والعقارات ومظاهر الثراء يعلمون يقينا أنه لا يستحق ثقتهم بل يجعلونه فقط كالطعم في المصيدة يحققون من خلاله هدفا في مخططاتهم وحين تنتهي مصلحتهم منه يرمونه في أقرب مزبلة للتاريخ. عبد الإله شفيشو / فاس