الْمَدْرَسَة الْعُمُومِيَّة: الْدُّخُول الْمَدْرَسِي في زَمَن الْإِحْصَاء



الدخول المدرسي عندنا يصدق في حقه البيت الشعري للشاعر العراقي "أبو الطيب المتنبي" وبتصرف عنه : دخــول مدرسـي بأيــة حــال عُـدْت يــا دخــول بمــا مضــى من هَـدْر مدرسـي أم بقــادم فيــك مجهــول؟ الدخول المدرسي عندنا كما الدخول السياسي والدخول الثقافي مفاهيم لها دلالاتها في البلدان التي يمثل فيها الإنسان رأسمال ذا قيمة عالية غالية أما عندنا نحن القابعين في ذيل سلم التنمية وأواخر ركب التقدم فهذه مفردات لا معنى حقيقي لها، ثم عن أي دخول مدرسي تريدنا أن نتحدث!؟. ونساء ورجال التعليم وبالآلاف سوف لن يلتحقوا بأقسامهم لمدة شهر بالكامل لمشاركتهم في الإحصاء العام للسكنى والسكان 2024. الدخول المدرسي عندنا نوعان دخول ورقي دعائي إعلامي سوقت صوره في التلفزة تم فيه الاحتفال بعيد المدرسة، واستقبل فيه أولياء الأمور، وعقدت فيه المجالس التربوية، واستأنف فيه التلاميذ الدراسة كل هذا وقع في الإعلام والأوراق طبعا، ثم دخول واقعي حقيقي لا يختلف في شيء عما اعتدناه كل سنة إن لم يكن أكثر رداءة وعبثا هذه السنة فإلى جانب المشاكل المزمنة المعتادة من تأخر في التسجيل، واكتظاظ داخل الفصول، وخصاص في الطاقم التربوي، نجد أن هذا الدخول يتميز بتخبط شديد ناجم عن مشاركة أزيد من 17 ألف من رجال ونساء التعليم في عملية الإحصاء المزمع تنظيمه في شتنبر المقبل تزامنا والدخول المدرسي والذي أثار نقاشات واسعة على مواقع التواصل الاجتماعي انخرط فيها حقوقيون ونقابيون بين مؤيد ومعارض عبر تصريحات وتدوينات حول جدوى مشاركة الموظفين عموما في الإحصاء العام للسكان والسكنى 2024 وهذا من الطرائف التي تدخل في باب (كثرة الهم تضحك). الدخول المدرسي عندنا ووسط كل هذا الهدر المدرسي يأتي العابثون من نساء ورجال التعليم ليظهروا أثره من خلال الإسهام في الزيادة في خلخلة إجراءات هذا الدخول من خلال مغادرتهم للأقسام للمشاركة في الإحصاء وهو إجراء ارتجالي محكوم بهاجس التحكم في الزمن المدرسي و عدم احترام المواعيد المسطرة في المقرر الدراسي ومنع مغادرة التلاميذ، وهو إجراء غير علمي لأنه لا يستند إلى دراسة ميدانية علمية واقعية لظروف التعليم خاصة بل ولا يستجيب حتى لمعيار الوظيفة العمومية ولا لما أورده التقرير التركيبي للمجلس الأعلى للتعليم حول تقويم التحصيل الدراسي بل يساهم في إبعاد المتعلم لا في تقريبه، وهو إجراء أناني انتهازي غير واقعي لأنه حين يتم الحديث عن توفير الظروف المناسبة للمتعلمين يتم ضرب وفي العمق كل مفاهيم الشراكة والتشاور مع المتدخلين الفاعلين ويفرغ المجالس التربوية المؤسسة من محتواها. الدخول المدرسي عندنا ينتظره الكثير من التعثر بسبب تزامنه مع الإحصاء العام للسكنى والسكان 2024 والذي يعرف مشاركة واسعة من نساء ورجال التعليم مما سيؤثر على التحصيل الدراسي للتلاميذ فالفترة المخصصة للإحصاء تمتد طيلة شهر شتنبر وباستحضار أن الأساتذة الذين التحقوا بهذه العملية سيكونون منشغلين بها بشكل يومي طيلة الشهر فإن ذلك سيؤثر سلبا حتى لو كان يخص فئة من التلاميذ فقط ذلك أنهم سيكونون في عطلة طيلة الفترة، ويمكن القول أن المدرسة كمؤسسة للتنشئة الاجتماعية هي المخول لها بحكم اﻷدوار المنوطة بها أن تحتضن نساء ورجال الغد وأطر المستقبل وحمايتهم من كل أنواع الانحراف الدراسي والسلوكي والاجتماعي، لكن أيضا لا يجب أن ننسى ومع كامل الحسرة والأسى أن من الأشخاص من تخلى عن الدراسة وانحرف عن الطريق وضاع مستقبله وضاع فيه المجتمع أيضا بسبب من كان يحمل فقط صفة الأستاذ والذي لم يعرف كيف يحتضن ويربي ويعلم ويوجه ذلك الشخص حينما كان تلميذا ومتعلما، وعليه فعلى كل فاعل تربوي أن يتحمل كامل المسؤولية وأن يستحضر ضميره الإنساني والمهني وأن يعرف ويقتنع بأنه صانع المعجزات. عبد الإله شفيشو/ فاس